السبت، 25 أكتوبر 2014

شُكرًا يا زَهرَةَ الماءِ العَذبِ..

عَيناها قَد سَرَدَتا قِصَّتَها.. عَيناها تَحْكِيانِ كُلَّ شَيْءٍ.

ملامِحُها الحادَّة رُغم صِغَرِ سِنِّها؛ تُخفِيانِ معاني الأَلَمِ و الحاجةِ و البُؤسِ تَناقُضاً على ابتِسامَتِها العَفوِيَّةِ المُفعَمَةِ بِالأَمَل-مع أنّها لم تَبتَسِم إلا أنّني لَمِحتُ حَرَكَةً على شَفَتَيها اللتين خَبَّأتا قِصَّةً مُؤلِمَةً- وَ كَأنَّ ملامِحُها كَبيرةٌ رُغمَ صِغَرِها، تقاسيمُ وَجهِها أذهَلَتنِي بِما فيها مِن بَراءَةٍ كَبيرَةٍ مَلئَى بالمَشاعِرِ مفعَمَةٌ بِالإحساسِ..
آهٍ يا شَربات جولا.. يا زَهرَةَ الماءِ العَذبِ.. آهٍ أيَّتُها الموناليزا الأفغانِيَّة.. يا ذاتَ العَينَينِ السَّاحِرَتَينِ.. ماذا أترُك و ماذا أقول؟!
كيفَ أُخرِجُ كَلِماتي المَكبوتَةُ بِداخِلِي اللتي أخفَتها أحاسيسي؟؟
إنني مِثلُكِ أعجَزُ عَنِ البوحِ بعضَ الأحيانِ و كَأَنَّ لِسانيَ معقودٌ!!
لقد حرَّكتي مشاعِرِي و أثَرتِي الإنسانِيَّةَ الكامِنَةَ بِداخِلي!!
أعلَمُ بِما كُنتي تشعُرينَ بِهِ عَزيزَتِي.. أشعُرُ حَقًّا بِألَمِكِ حِينَ يَتعَدَّى أحَدٌ على حُقوقِك.. رُبَّما عانيتِ الكَثير.. أكثَرُ مِمَّا نَظُنُّ.. و لَكِنَّنا نَشعُرُ بِكِ-أو بِالأحرى أنا أشعُرُ بِكِ- وَ نُصَدِّقُكِ..

عِندَما يَتَمَرَّدُ أحَدٌ على حَياتِكَ أو حُقوقِكَ أو وَطَنكَ أو عائِلَتكَ أو كُلَّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِكَ؛ وَقتَها سَتَستَشعِرُ قِمَةَ وقوعِكَ في مِثلِ هذا الحالِ!!
فالإلَهُ يَختَبِرُ طاقَتَكَ على الثَّباتِ و الحَزمِ و يُريدُ مِنكَ مُحارَبَةَ جُبنِكَ بِشجاعَتِكْ.. الإلَهُ غيرُ ظالِمٌ.. إنَّهُ يُحِبُّكَ فَلِذَلِكَ جَعَلَ حالَكَ هَكذا..

اِرفَعِي رَأسَكِ عالِياً شَربات.. فَأَنتِي قُدوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن يَدَّعِي الشَّجاعة.. فَكُلُّ مَن يَرى صورَتَكِ يشعُرُ بِالعَجزِ المُبالَغ فِيه.. و تَملَأُهُ عَلامات الحُزنِ رُبَّما.. لِأَنَّهُ لم يَفعَل شَيئًا يُخَلِّدُهُ في حَياتِه و لَم يَملَأْها سِوى بِاليَأْسِ و بَعْضِ خَيباتِ الأمَلِ المُتتالِيَةِ.. صَحيحٌ أنَّ مَلامِحَكِ تُدَلِّلُ على البؤسِ و لَكِنَّ جَمالَكِ أخفى ذَلِكَ كُلَّهُ.. أتدرينَ أنَّنِي حين رُؤيَتي لِلَوحَةٍ لَكِ في إحدى الأركانِ الصَّغيرَةِ تَصَنَّمتُ أمامَها و في جَوفِي تَدورُ الكَلِماتُ مُصارِعَةً و مُناقِضَةً تارَّةً لِأحاسِيسي إلى وَقتِ إغلاقِ ذلِكَ الرُّكنِ الصَّغيرِ!! أُعجِبتُ حَقًّا بإبداعِ ذاكَ الرَّسامِ كيف رسَمَ تِلكَ التَّفاصيلِ الدَّقيقَةِ بِمرونَةٍ و عَفَوِيَّةٍ مُبالغةٍ فِيها!! استَهوَتنِي تلكَ اللوحَةُ حقًّا..
 و رَغِبتُ في أن أقولَ لَكِ كصَدِقَةٍ لا تَعرِفِينَها: شُكرًا مِنَ القَلبِ، فَلَقَد خَلَّدتِي أثَرًا في أعماقِي غَيَّرَ بَعضًا مِنِّي.. شُكرًا يا زَهرَةَ الماءِ العَذبِ!!

هناك تعليقان (2):